رحل عنا محمود درويش يوم السبت 9 آب 2008 بعد 67 عاما من حياة دأب ينتقل فيها من قمة إلى أخرى أعلى منها، دون كلل أو ملل. كان إنسانا جميلا، قبل أن يكون متنبي عصرنا الحديث، يرى ما لا نراه، في الحياة والسياسة وحتى في الناس، ويعبر عن كل هذه الأمور بلغة وكأنها وجدت ليكتبها. وحين قرر أن يخوض غمار هذه العملية الجراحية الأخيرة اعتقدنا أنه سيهزم الموت، كما هزمه في مرات سابقة، لكنه، بعينه الثاقبة، رأى على ما يبدو شبحه "قادما من بعيد".
أراد أن يفاجئ الموت بدلا من أن يفاجئه الأخير بانفجار "القنبلة الموقوتة" التي كانت عبارة عن شريانه المعطوب. كان مستعدا كعادته، وتركنا نحن وراءه كي "نربي الأمل".
رحمك الله ياايها الشاعر العضيم
مزامير
يومَ كانتْ كلماتي
تربةً..
كنتُ صديقاً للسنابلْ
يومَ كانت كلماتي
غضباً..
كنتُ صديقاً للسلاسل
يوم كانت كلماتي
حجراً ..
كنتُ صديقاً للجداول
يومَ كانت كلماتي
ثورةً ..
كنتُ صديقاً للزلازل
يوم كانت كلماتي
حنظلاً..
كنتُ صديقَ المتفائل
حين صارت كلماتي
عسلاً ..
غطَّى الذباب
شفتيَّ ..
(من ديوان "أحبك أو لا أحبك" 1972)