بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد أيها الإخوة الأحبة: ذلك الغيب المجهو ل الذي يسمى: الموت ظل لغزاً غامضاً حتى جاء الإسلام فأبان حقيقته وماهيته وحتى بين نهايته وما بعد النهاية أيضاً
لن نسترسل في الحديث عن حقيقة الموت في أذهان البشر ولن نعطي تعريفاً
محدداً للموت لكن الإنسان من خلال خصائص الموت وفوائده يمكن له أن يحصل
إلى قناعة خاصة به حول الموت لكنه بالتأكيد إن كان حقاً يدرك حقيقة الموت
فسيعجز عن تعريف لفظاً أو أن ينقل للناس قناعته حول حقيقة هذا الغيب
المجهول.
لن أطيل في هذا حتى لا يتحول الموضوع إلى بحث فلسفي ربما لا تتعلق به
فائدة عملية لكن أقول: أيها الإخوة القراء هيا بنا لنتعرف على بعض فوائد
الموت من خلال بعض النظرات في الواقع والقرآن والحديث.
هل للموت فوائد؟؟؟؟؟؟
كيف تحدثنا عن فوائد الموت وقد أسماه
الله مصيبة فقال تعالى: فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ. المائدة:
/106/؟ أقول: إن الإجابة على هذا السؤال من خلال البحث الذي نحن بصدده.
وألفت النظر أن الله تعالى من أسمائه الحكيم وبحكمته تعالى تراه يعطي أكثر
من هدف لأي أمر من أمور الحياة المشروعة.
أولاً: الموت هو الواعظ الحقيقي والمذكر بالعبادة:
الموت هو العقبة التي لا يفكر أحد
بالنجاة منها أو الخلاص من أهوالها هو السيف القاهر لعباد الله وأبلغ عظة
فيه أنه لم يتجاوز نبياً أو صديقاً فهؤلاء أصحاب الحظوة عند الله ولم ينجُ
أحد منهم من تلك الحفرة فهل تنجو منها أنت أيها الضعيف المقصر البعيد عن
شرع ربك وطريقه. عن عمار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
كفى بالموت واعظاً، وكفي باليقين غنى. رواه الطبراني
إذا تعاظم ذنبك وأثقلت كاهلك الخطايا فالموت يكفيك الوعظ والتذكير فهو
أعظم موعظة وأبلغ در س وخطبة فأكثر من ذكره على كل أحوالك عن أبي هريرة
رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "أكْثِرُوا ذِكْرَ
هاذِمِ اللَّذَّاتِ" يعني الموت رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وقال
الترمذي: حديث حسن. وانظر أخي المسلم أليس هذا فائدة وأي فائدة إنها
النجاة من النار كان أحد الصالحين قد حفر في بيته قبراً فإذا تكاسل عن
العبادة نزل القبر فاضطجع فيه فيعود له نشاطه وإقباله على العبادة.
الخروج من دار التعب إلى دار الراحة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "الدّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ
وَجَنّةُ الْكَافِرِ". رواه مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجة.
هذه الدنيا هي سجن لك أيها المؤمن فهل خروجك من السجن نعمة وفائدة أم
أنه أمر ضار؟؟؟ لقد كونت الحياة على التعب والابتلاء فهي دار العمل والزرع
بل إن الإنسان لم يخلق إلا ليستعمر في هذه الأرض وليعيش فيها بين تعب جسدي
لا يخفى على أحد وتعب نفسي كبير فهو المتعب في العمل و الحزين لفقد ما
فاته وهل مصير الدنيا إلا كمصير العشب اليابس وما هو بابك للخروج من كل
ذلك أخي المسلم؟؟ إنه الموت ولا شيء غيره ينجيك من تعب الدنيا وغبارها
الحسي والمعنوي
حصاد الإنسان ما زرعه طوال حياته:
يقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ
نُزلاً. الكهف {107} وقال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه}
فمتى يصل الإنسان إلى نباته الذي زرعه متى يصل الإنسان إلى الفردوس وما
فيها؟؟ هل يمكن الوصول دون موت فلماذا الضيق والحرج من هذا الزائر
الحبيب؟؟
إن المزارع يتعب وينصب ويتعهد زرعه لكن قمة فرحه عندما يصفر زرعه
ويقترب من الحصاد لا يوجد مزارع يفرح لبقاء زرعه أخضر لأن ذلك يعني أنه لن
يجني شيئاً من هذا النبات فانحناء عود المؤمن وتقوس ظهره دليل على قربه من
موسم الحصاد.
لقاء الأحبة:
لقد اشتهر بيننا أن الموت حق ولكنه فراق
والفراق صعب لكن الإسلام جعله أعظم مناسبة للقاء. قال الله تعالى: وَمَن
يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ
عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء
وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا {69} ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ
اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيمًا {70} النساء. الميت يفارق أناساً إما
أنهم صالحون فهم عما قريب به لاحقون أو غير ذلك فأبعدنا الله عنهم وعن
طريقهم
أما من سيلحق بهم المؤمنون فهم أشرف خلق الله: الأنبياء والصديقون
كأبي بكر والشهداء والصالحون فهل هناك خير من لقاء أولئك الناس وما الذي
يحجزك أيها المؤمن عن لقائهم إنها الحياة وما السبيل للقائهم أول خطوة
الطاعة والثانية: الموت
لذلك رأينا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كسيدنا بلال رضي الله عنه
عندما اقتربت منه الوفاة كان يغشى عليه فتصيح نساء بيته: واكرباه!
وازوجاه! وا أبتاه! فيصحو فيقول لهم: لا تقولوا ذلك بل قولوا: وافرحاه
واطرباه!!!!! غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه. صلى الله عليه وسلم.
تقليل السيئات وتخفيف أعباء الإنسان:
عن أبي بكرة رضي الله عنه أن أعرابياً
قال: أي الناس خير؟ قال: خير الناس من طال عمره وحسن عمله، وشر الناس من
طال عمره وساء عمله. رواه أحمد والترمذي والحاكم.صحيح
لو نظر الإنسان إلى نفسه نظرة إنصاف وحساب ورأى ما هي فيه من تقصير وتضييع لعلم علم اليقين أن طول العمر لن يكون في صالحه
فالموت هو القاطع لهذه الشرور التي يرتكبها الإنسان طوال حياته وحتى
إن كان الإنسان صالحاً فالموت يعجله إلى الخير الذي ينتظره وإن كان غير
ذلك فقد أراحه الموت من كثرة السيئات وثقل الأحمال والأوزار.
ومع ذلك فقد نهينا عن تمني الموت وإن كان الإنسان لابد سيتمناه
فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً
لي
عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم: "لا
يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرّ أصَابَهُ، فإنْ كانَ لا
بُدَّ فاعِلاً فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أحْيِني ما كانَتِ الحَياةُ خَيْراً
لي، وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتِ الوَفاةُ خَيْراً لِي". متفق عليه
قوة الجنس البشري واستمراره:
تصور أخي المسلم لو لم يقدر علينا الموت
ما هي حالنا؟ إن الإنسان فينا يصل إلى عمر الأربعين أو الخمسين أو الستين
وتكثر فيه الأمراض أو يضعف الجسد فما بالك لو عاش آلاف السنين لملئت
المجتمعات البشرية بالعجزة والمقعدين ولكانوا عالة على البشر وعلى قوت
البشر وحياتهم ولكلف الرجل أن يعيل المئات بل ربما الآلاف من آبائه
وأجداده.
mars..............